تذكرة


تذكرة

تطوير الذات يبدأ بمعرفتها .... فتعرف علي نفسك في جوانبها.

?????? ?? ???????

الجديد في المدونة

الإبتلاء- قصيدة رثاء - قصة واقعية - قصة نجاح غرويون - من وحي الساحة السياسية - الإسلام هو الحل - مهلاً أيها الشامتون - إعدام الدعاة في بنجلاديش إلي متى؟

هكذا فرت الغربان



هكذا فرت الغربان

يحكى أن رجلاً صالحاً كان يملك بستاناً كبيراً تحيطه الأشجار الناضجة ، وتملئه الثمار الطيبة، وتتعايش فيه الطيور والحيوانات بكل أنواعها، في جو من الحب والود ، فالكل يأكل ويشرب، ويلعب وينام بلا خوف ولا جوع و قلق.
وفي يوم من الأيام أراد صاحب البستان أن ينتقل من بلدته الصغيرة إلي مكان أخر للعلاج الذي يرجوه حتي يشفي من مرضه الذي ألم به، فأوكل مهمة البستان إلي حارسه ليقوم برعايته وما فيه.
فقال له صاحب البستان: إرع البستان  وكل وشرب وعيش في هناء وسعادة أنت وأهلك ولا تجور علي أحد وحافظ علي البستان، واطعم من فيه كأنني موجود، فهذه أمانة في رقبتك.
وانطلق الرجل الصالح تاركاً بستانه لمن ظن فيه خيراً، غير أن الحارس لم يحفظ الأمانة، فقد أكل مافي البستان من ثمار، وترك اللصوص يسرقون ما يشاءون، وترك الأرض تجف والشجر يجدب، وضاعت الثمار بعد أن نهبها كل من أراد ، فالحارس المهمل أصبح سيد اللصوص، وترك الغربان تعشش فوق البستان ، تأكل وتتحرك وتتمايل كيفا أرادت حتي صار البستان خراباً.
عاد الرجل الصالح فوجد البستان غير البستان، استدعي الحارس المهمل وأنبه علي فعلته ولكنه لم يكترث بالكلام.
استدعي الرجل الصالح حكماء البلدة ليعرف منهم سر خراب البستان،
فقالوا لقد عينت حارس معلوم ما فيه من سوء الأخلاق، وإحباط الأعمال، فضاع البستان،
فما عليك إلا تعيين حارس همام، يعيد للبستان رونقة كما كان،
فأشاروا عليه بحارس ذي خلق ودين ومن الهمة بمكان، ترسو في محافله كل الطيور والأشكال إلا الغربان، فأخذ برأيهم وحمله أمانة البستان.
انتقل الحارس الهمام بأهله وما يملكه من خرفان إلي حيث البستان ، وأخذ يحرث ويزرع ويرعي ما فيه من الطير والحيوان.
وكلما زرع زرعاً أكلته الغربان ، وتنقر رؤس الخرفان ، حتي سالت دماءهم أطنان.
فاحتار في أمرهم ، فقد أفسدوا ما تصلحه الأيام ، فهو أمين علي ما معه من بستان وخرفان ، فاستدعي أهل الحكمة يأخذ خبرة المكان.
فقالوا له مما تشتكي؟
قال : من الغربان
قالوا : إن لهم من الجرائم الكثير علي مر الزمان ، فهم يتفرقون علي أنفسهم ويجتمعون علي عدوهم كالصقور والحيتان.
فأقم لهم المحاكم في الميدان ، واسرد لهم قضاياهم ما خفي منها في الإعلان،
فلن تطيقُ الغربان حبس يوم ولا خصم مال.
وستفر إلي أسيادها في البلدان، وتترك لك البستان لتزرع وتحصد ما يفيد الجمع وما تبنيه من البنيان،
فأخذ الحارس الهمام بنصائح الحكماء فنادي عليهم أيها الغربان :
إن لكم معنا صحائف من الجرم نفذتموها علي مر الزمان ، في عهد من خرب البستان.
فنهب المال وقتل النفس وحرق الدار ليست من شيم الغربان.
فعليكم حقوق حتي تعيشوا في البستان.
ردووا نهبكم، وشيدوا دياركم وعوضوا أهل القتيل والغلمان.
فتشاورت الغربان وقالت كيف بنا نفعل ما يمليه علينا صاحب الخرفان، أبعد هذا من القتل والنهب نفرط في الأموال.
فشدوا رحالكم واحملوا أموالكم علي السفن والطيران، وارحلوا إلي حيث يشيد البنيان ، وترسي السفن علي موانئها بالليل والنهار ، فأبراجها شامخات تحوي كل الغربان.
وفرت الغربان.
وبات يزرع ويحصد الحارس الهمام، ويفرح كل من حوله بخضر الأشجار ونضج الثمار ، حتي بدي البستان كما كان.
وعاد الرجل الصالح يشكر الحارس الهمام، ويسأله : كنت أسمع من قبل ضجيجاً وخشخشةً تِؤلم الأذان، فأين هي اليوم من البستان؟
فقال الحارس الهمام فر أصحابها من أرض الطهر والنقاء إلي حيث الرذيلة  النقراء، فما عليك بعد اليوم، فعش في البستان كما تشاء.
فشكره صاحبُ البستان علي جميله، وأمره أن يتولي شأن البستان هو والخرفان.
خليل الجبالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق