هل سقط نظام مبارك؟
عندما يستشري الفساد في الأرض، ويفيض عن قدرة أهل الحق بعدم إستطاعتهم تغييره بعدما أصبحت أيديهم مكتوفة ، والأبواب أمامهم موصودة، وخاصة عندما يجدون للباطل سلطاناً يسانده، وللفساد رجالاً يتحركون من أجله، عندها يرفعون أيديهم إلي الله حتي يكشف عنهم ماهم فيه (الَذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ القَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا واجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ ولِياً واجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً (75) سورة النساء.
إن الفساد المستشري ثلاثين عاماً في كل المؤسسات الحكومية وفي كل ميادين العمل حتي ظن أهله أنهم علي الحق، وأنهم قد ملكوا الأرض ومن عليها بعدما تمكنوا من تكميم الأفواه ، وشل الأيدي، وإبعاد كل من تسول نفسه بنقدهم أو نصحهم فطردوا من طردوا خارج البلاد ووضعوا آخرين خلف القضبان (ولا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المُجْرِمُونَ (78) سورة القصص.
فهل يظن أحد أن ينتهي الفساد فجأة بتنحي رأس الفساد عن الحكم ؟
فقد تم بيع مصانع كانت من أكبر المصانع في الشرق الأوسط ( منها شركة النصر لصناعة المراجل البخارية ) التي بيعت في بداية التسعينات بثمن بخس ليهود كندا وباكستان وتم إغلاقها ووقف إنتاجها في مدة لم تتجاوز العام !
ومصانع حديد الدخيلة التي تم نقل ملكيتها من الدولة إلي أحمد عز بثمن بخس، وغيرها من المصانع الكبري التي تم إغلاقها، ففي مدينة العاشر من رمضان وحدها تم إغلاق مائة وخمسة وثلاثين مصنعاً بجرة قلم.
وبيعت أراضي الدولة إلي رجال النظام السابق والتي تقدر قيمتها بثماني مائة وخمسين مليار جنيهاً ولم تُردُ إلي الدولة حتي الآن!.
والفساد الظاهر في مجال الإعلام و الإقتصاد والثقافة والعلوم والتعليم والصحة والسكان والتجارة والبحث العلمي وغيرها من المجالات التي لا يسع المجال لحصرها أو الحديث عنها.
وانتشار الفساد في السياسة بالتزوير والإضطهاد والتخويف والإيذاء البدني والنفسي لكل من تسول له نفسه أن يرفع حاجباً في عين الحاكم وزبانيته حتي فاض الكيل بالناس، وشاءت إرادة الله أن يجعل عناد الظالمين وبالاً عليهم فتنحي الظالم عن كرسيه عنوة.
فهل سقط هذا النظام الفاسد؟
إن الذي استطاع أن يستوي علي مصر وخيراتها ثلاثين عاماً، وحرص علي يضع في كل شبر من أرض مصر ومؤسساتها رجلاً يدينون له بالولاء والطاعة، والذي تخلي مُكرهً عن قصر الرياسة وانتقل إلي شرم الشيخ ثم إلي المجمع الطبي العالي، والكل يشهد أنه يتمتع بصحة وعافية علي الرغم من تنقله إلي المحكمة بنقالة خاصة.
إن القيادات السابقة التي كانت تشغل المناصب ما زالت في مناصبها.
فقيادات الوزارات المختلفة ، والمؤسسات الحكومية، وقيادات وزارة الداخلية من مساعدي الوزير ومأموري الأقسام ومدير المباحث مازالوا قابعين علي كراسيهم .
والمجلس العسكري الذي تم تعينه من قبل الرئيس المخلوع كما هو بكل قيادات أركانه ورؤساء وحداته .
فهل سقط نظام مبارك؟
إن النظم ما هي إلا قيادات وأفراد ومنهج يتبع ، فكل شيئ من أركان هذا النظام كما هو حتي نهجهم في الوسائل المستخدمة ضد المواطنين كما هي.
إن الأحداث التي تمت منذ تنحي مبارك عن الحكم مثل موقعة الجمل ، أحداث محمد محمود ، أحداث ماسبيروا ، أحداث الدقي، حرق المجمع العلمي ، موقعة بورسعيد والتي راح ضحيتها ما يزيد عن سبعين شهيداً، وحرق مبني مأمورية الضرائب، وغيرها من الأحداث التي لم تخرج نتائج التحقيق فيها للشعب حتي الآن تتم بنفس منهج مبارك وأعوانه.
إن الأصابع الخفية واللهو الخفي كما يطلقون عليه لم تستطع مؤسسات الدولة من المخابرات العامة والمخابرات العسكرية وجهات التحقيق أن تحدد من هو حتي الآن.
فهل سقط نظام مبارك؟
فمن يكشف الحقيقة ؟
ومن يرفع الستار عن الأبطال الحقيقيين علي مسرحية الأحداث الجارية ؟
لماذا لم يحاكم مبارك وزبانيته محاكمة حقيقة سريعة تشفي صدور شعبٍ غلب علي أمره سنوات وسنوات؟
لماذا يتمتع الطاغية وأولاده وأعوانه بكل الإمتيازات داخل محبسهم حتي الآن؟
لماذا توضع بين أيدهم أجهزة المحمول واللاب توب ووسائل الإتصالات المختلفة؟
لماذا يجمعونهم في سجن واحد، علي قلب رجل واحد يتصل بهم ليلاً ونهاراً من المجمع الطبي العالمي عبر وسائل الإنترنت والإتصالات المختلفة؟ .
لقد اعتقلنا مرات عديدة في عهد الطاغية الظالم ليس لجُرم إلا بتهمة التدين ومساندة الإسلاميين في إنتخاباتهم، وذقنا مرارة السجن من تضيق علينا في الملبس والمأكل وزيارت الأهل والأدوية الضرورية التي لاغنى للمرضى عنها، ولم يسمحوا بدخول محمول مع الزائرين، فلما كل هذه الراحة وهذه الإمكانيات لرجال هذا النظام البائد؟
فهل سقط نظام مبارك؟
لماذا تُركت سوزان ثابت طليقة تتجول في البلاد كما شاءت حتي الأن؟
أليست طرفاً في الفساد السياسي؟
إن الفساد الذي قامت به سوزان ثابت في عهد زوجها يعلمه القريب والبعيد ،
فساد للمرأة بكل أنواعه حتي تخرجها عن عاداتها الشرقية وأخلاقياتها الإسلامية، فساد في كل أركان الأسرة، فساد في الطفولة بمراحلها المختلفة ، فساد في الأحوال الشخصية من طلاق وزواج ورعاية وقوامة وخلع وحضانة وغيرها.
لماذا نجعلها طليقة تتنقل بين شرم الشيخ وطرة والمجمع الطبي العالمي، وتعقد إجتماعات ولقاءات مع من أردات وقتما أرادت؟.
فهل سقط نظام مبارك؟
إذا كان المجرم طليق ، والضحايا كل يوم تقع بالمئات وبقعة الدم تزداد، ومستوي المعيشة للشعب المصري ينحدر يوماً بعد يوم، ويتخلي رجال الأمن عن دورهم، ويشاهد المسئولون ما يحدث من خلف ستائر الحكم:
فهل سقط نظام مبارك؟
لا، لم يسقط نظام مبارك حتي الأن ،بل لم يسقط مبارك نفسه !
فقط تغير المكان ، من قصر الرئاسة إلي المجمع الطبي واستراحة طرة.
(ومَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ والأَرْضَ ومَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ المُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) سورة ص
خليل الجبالي
في 9 فيراير 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق