تذكرة


تذكرة

تطوير الذات يبدأ بمعرفتها .... فتعرف علي نفسك في جوانبها.

?????? ?? ???????

الجديد في المدونة

الإبتلاء- قصيدة رثاء - قصة واقعية - قصة نجاح غرويون - من وحي الساحة السياسية - الإسلام هو الحل - مهلاً أيها الشامتون - إعدام الدعاة في بنجلاديش إلي متى؟
وقفات مع الإخوان والانتخابات


عصام تلِّيمة 17-12-2010 21:59

انتهت الانتخابات المصرية الأخيرة بما حوت من مواقف ودروس، وقد أردت أن أقف وقفة مع الانتخابات، وبخاصة مع الفصيل الرئيسي المعارض جماعة الإخوان المسلمين.

1ـ كنت قبل الانتخابات من القائلين والمائلين لعدم الدخول في انتخابات نتيجتها معلومة مسبقا، فهي ستزور بكل المقاييس، ولا توجد ضمانة واحدة تضمن على الأقل الحد من التزوير، ومع ذلك أقول بكل حيادية وأمانة مع الذات: أرى أن من أشاروا على الإخوان المسلمين ـ مخلصين في نصحهم ـ بعدم الدخول، كانوا مصيبين بدرجة ما، ولكن كان الإخوان أكثر إصابة في قرار الدخول، حيث أرادوا بالدخول فضح النظام أكثر من فضيحته، فلو لم يدخلوا لقام النظام بعمل انتخابات نزيهة بدرجة ما، ولربما جاء بصناديق زجاجية، وطلب بنفسه إشراف القضاء، والجهات الخارجية، ولكن دخول الإخوان والمعارضة جعل النظام يظهر بشراسته المعهودة، وفجره السياسي المعروف لدى الكافة. فهذه نقطة نعترف ونقر بها، ونحيي الإخوان عليها، مقدرين أن الجميع تحرك من وفي دائرة: ما يخدم الوطن، وينهض به.

2ـ كتبت قبل الانتخابات مقالا أخالف فيه الدكتور عبد الرحمن البر، في دراسته (الانتخابات.. رؤية شرعية)، وكانت وجهة نظري فيما كتبت: أن الإخوان بنشرهم لمقال على موقعهم الرسمي يتبنى الدخول، واحتكار الموقع لنشر ما يصب في جهة واحدة، هي الدخول فقط، وبما في مقال الدكتور عبد الرحمن من عبارات أراها فضفاضة، رغم اعتذاره عن العبارة فيما بعد: بأن عدم دخول الانتخابات أشبه بالتولي يوم الزحف، ورددت عليه بمقالي (إلى الدكتور البر.. ما هكذا تورد الإبل)، ووجدت نقدا من بعض الإخوان، منه ما كان لائقا، ومنه ما لم يتحل باللياقة مطلقا، منكرين علي نقدي، ونشره، وحبذ بعضهم لو كان المقال رسالة خاصة، في تفاصيل أجدني في غنى عن ذكرها الآن، وقد كان هدفي من نشر المقال: وهو ما ذكرته في صلبه، بماذا سيرد الإخوان على الناس لو قدر لهم أن ينسحبوا، وهو ما حدث بالفعل، وواجههم صحفي أو مهتم بالشأن السياسي، بأنهم تولوا يوم الزحف بانسحابهم، وأن وجود أكثر من رأي في أدبيات الإخوان، هو ثراء فكري وسياسي، ومحاولة صب الناس في قالب واحد هو لو من العبث الفكري والدعوي والسياسي. ولعل هذا الموقف يكون تنبيها في موقف قادمة سيتعرض لها الإخوان.

3ـ السجالات الفكرية التي دارت بين بعض أفراد الإخوان قبل الانتخابات، حول الدخول، وعدم الدخول، ما بين مؤيد ورافض، حدث فيها تجاوز وسوء فهم لموقف الرافضين للدخول، وكان ينبغي أن يتحقق الحد الأدنى من التقبل للرأي الآخر، واحترامه، وعدم المساس بنياتهم، وقد أثبتت الأيام أنهم مجرد أناس لهم رأي مخالف، وعند القرار الصادر بالشورى التزموا به جميعا، بل كان لبعضهم دور لم يعرفه أحد، شهدت منه موقفا واحدا بنفسي، فالحوار الذي سجل مع الدكتور يوسف القرضاوي مع المرشحات من جماعة الإخوان، الذي فكر فيه، وقام بإعداده وتسجيله ومحاورة القرضاوي، هم من الرافضين لدخول الإخوان الانتخابات، وأذكر منهم: د. عبد المنعم أبو الفتوح، ود. إبراهيم الزعفراني، والأستاذة جيهان الحلفاوي، ذكرت هذا الكلام لأني كنت في بيت الشيخ وقت التسجيل، وفوجئت أن معظم الحاضرين للحوار والقائمين عليه هم المعارضون للدخول. وهذا يعني أن ثقافة احترام الرأي الآخر، لا زالت تحتاج إلى تعميق في صفوف الإخوان، وتقبل الرأي، والسماح به، وعدم الضيق بصاحبه، فضلا عن عدم التشويش عليه، وهو ما دفعني للعكوف هذه الأيام على كتابة كتاب كامل عن (الإخوان بين نقد الذات والآخر)، أناقش فيه هذه الظاهرة، مستدلا على صحة وجود النقد بمواقف عديدة في تاريخ الحركة، مناقشا لماذا بدأت تغيب هذه الظاهرة الصحية في الجماعة.

4ـ برز بوضوح الجهد الإعلامي الكبير لأفراد الإخوان المسلمين، حيث تفتقت أذهانهم عن وسائل إعلامية جديدة، قاموا خلال الانتخابات باستغلالها استغلالا ممتازا، في نشر فكرتهم، والترويج لمرشحيهم، وفضح ممارسات النظام أولا بأول. فمن ذلك أذكر نماذج من هذا التطور والتفرد الإعلامي لدى أفراد الجماعة:

أـ حدثني صديق قطري كان في مصر أيام الانتخابات، عن انطباعه الشخصي عن دعاية الإخوان المسلمين، بعد تضييق الدولة عليهم، فلا مسيرات، ولا ملصقات، وتمزيق للافتات، يقول: إنني اكتشفت أن الإخوان في مصر يملكون وسيلة إعلامية لا يمكلها الحزب الوطني ولا معظم الأحزاب، قلت له: ما هي؟ قال: الاحتكاك المباشر بالجماهير، والنزول إليهم، وطرق أبوابهم، وهذا وسيلة لا يملكها سواهم، لقد التقيت بالإخوان وأنا سائح أقيم في أرقى مناطق مصر، مرتين، مرة في الشارع وأوقفوني يشرحون لي برنامجهم، ومرشحهم، ومرة في سكني، فوجئت بدعايتهم من تحت باب الشقة تصل إلي تعريفا بهم وبمرشحهم.

ب ـ صفحات النت، سواء المدونات الخاصة، أو الفيس بوك، أو اليوتيوب، وضح فيها بجلاء جهد الإخوان المسلمين كأفراد نشطاء، وكانوا بدائل رائعة، عند حجب الموقع الرسمي للجماعة (إخوان أون لاين)، بل وكاميرات المحمول، وكاميرات التصوير الخاصة، كانت أشبه بأرشيف متحرك، وتوثيق لحظي لكل ما يدور في الانتخابات.

ج ـ قام أحد الشباب في إحدى الدوائر الريفية، في محافظة كفر الشيخ، برصد لأكثر الشوارع ازداحاما بالناس، فاكتشف أن الشارع الذي يكتظ بالموظفين هو شارع مطل على ترعة، فقام بصنع مجسم من الفلين، ورسم عليه صورة المرشح، وكتب عليه دعاية، ووضعه على الماء، وحسب سرعة تيار الماء في هذا الوقت، وكم وقتا يستغرق ليراه الجميع، ونفذ الفكرة، التي شده الناس عندما رأوها.

د. ابتكر الإخوان أسلوبا جديدا في الدعاية للمرشح، وهو أيضا جهد فردي، حيث ابتكروا أسلوب تأليف أغاني لعدد من المرشحين، مناسبة له باسمه، ورمزه، وحث الناس على اختياره عند الانتخاب، وهو جهد فردي من بعض الأفراد كذلك.

ونماذج أخرى لا يتسع المقام لذكرها، وهي دليل مهم نرجو أن تنتبه له الجماعة، أن الأفراد عندما تعطى لهم مساحة للتفكير والتحرك يبدعون، وينفعون الجماعة نفعا كبيرا، وأن وضع أطر للعمل محددة فقط في نمط واحد، يجعل العقول تتوقف، هذا في الوقت الذي كان فيه الموقع الرسمي، دون المستوى مقارنا بالأفراد البسطاء، بدون إسهاب في تقييم الموقع في الانتخابات الذي لم يكن موضع الرضا من كثير من الأفراد، إن لم يكن الغالبية منهم، بل كانت عليه ملاحظات كبيرة جدا، ويبدو أن القطاع العام لا يصلح في الدولة، ولا يصلح في الجماعة.

5ـ قام الإخوان بترشيح عدد من السيدات، وهو أمر نشيد به، ونحيي الجماعة عليه، لكن السؤال الأبرز هنا: ما دور هؤلاء السيدات في الجماعة؟ وهل يقمن بدور في اتخاذ القرار في الجماعة؟ أم تظل الوصاية الذكورية قائمة عليهن، والتدخل في كل صغيرة وكبيرة دون السماح لهن في تولي زمام القيادة الخاصة بعملهن، والاستقلال الإداري والفكري التام، بدل الهيمنة الكاملة، والتي تجعلهن مجرد ترس في آلة؟ وهل هناك تأهيل لهن سياسيا واجتماعيا؟ ولا يتعلل أحد بقصر نظر المرأة، وقلة خبرتها، وعدم استعدادها، فأعتقد أن المرأة التي تحملت مع الرجل في الإخوان والمعارضة التحرش، والإهانة، والسب والتطاول، والاعتداء البدني، والتفكير في الاحتيال على المنع من التصويت ـ كما حدث من قبل ـ بالصعود على سلم من دورة مياه لجنة للوصول للجنة كي تدلي بصوتها، لا أعتقد أنها تقل عقلا ولا قدرة أن تقف على قدم المساواة مع الرجل في تحمل المسؤولية الكاملة عن عملهن؟ هذه أسئلة على الجماعة أن تشرحها للناس وتبينها بالتفصيل.

ويأتي السؤال الأبرز في هذه المناسبة وهو: عن النساء المرشحات وغيرهن ممن ترشحن من قبل: وماذا بعد؟ هل سيحدث كما حدث مع جيهان الحلفاوي ومكارم الديري، فقد نزلتا للعمل في وقت الانتخابات، وبعدها لا حس ولا خبر، أو يصدق عليهن المثل المصري: فص ملح وذاب.

هذه ملاحظات ووقفات لم أرد بها إلا الإشادة بمن أحسن، والنصح الخالص لمن خالط إحسانه بعض ملاحظات يفيده أن تصله، وأن يعمل على إعادة ترتيب الأوراق، كي يكون عمله أكثر نجاحا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق