تذكرة


تذكرة

تطوير الذات يبدأ بمعرفتها .... فتعرف علي نفسك في جوانبها.

?????? ?? ???????

الجديد في المدونة

الإبتلاء- قصيدة رثاء - قصة واقعية - قصة نجاح غرويون - من وحي الساحة السياسية - الإسلام هو الحل - مهلاً أيها الشامتون - إعدام الدعاة في بنجلاديش إلي متى؟
الإيمان الصادق



الإيمان الصادق يعطى صاحبه طاقة من الصبر والثبات وتحمل الأذى في سبيل الله دون تفريط في هذا الدين الحق ومتطلباته .

وسمية وياسر وبلال وغيرهم خير مثال لذلك بل ومن تعرض من الإخوان في المحن المتتالية إلى الإيذاء والتعذيب الشديدين والحقيقة أن الصبر والثبات من الله لذلك أرشدنا الله إلى الدعاء في مثل هذه الظروف .{ ربنا أفرغ علينا صبرا وثبِّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين } .


وهذا الإيمان هو الذي جعل سحرة فرعون بعد إيمانهم لا يخشون تهديد فرعون لهم بتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف وصلبهم وكان ردهم على هذا التهديد : { قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا أنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى}.


- والإيمان يدفع المؤمنين إلى الحب في الله والأخوة والإيثار { والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }


- والإيمان الصادق يدفع صاحبه أن يقف مع المظلومين والمضطهدين والمجاهدين دون تثاقل إلى الأرض ويدفع إلى حب الاستشهاد في سبيل الله والتضحية بالنفس والمال في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا .


- والإيمان يجعل صاحبه يقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم ولا يداخله تردد ولا يأس فالمؤمن يعلم أن الباطل مهما أنتفش فهو زهوق وأن سنة الله التي لا تتبدل تتمثل في قوله تعالى : { كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض }


- والمؤمن يأخذ بالأسباب ولا يعوِّل عليها ويتوكل على الله حق التوكل وهو مطمئن أن الله كافيه


{ ومن يتوكل على الله فهو حسبه } فيسير على الطريق الصحيح في إقدام واطمئنان متوكلاً على الله موقناً أنه يأوي إلى ركن شديد لا يبالي بالذين يقومون في وجهه يصدونه عن سبيل الله ويبغونها عوجا لا يفتنه منهم إغراء ولا يستخفنه إرهاب لأنه معتصم بالله مستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها .


- والإيمان الصادق يدفع صاحبه إلى طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع سنته لأنه يعلم أن طاعة الرسول طاعة الله { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهدا على الناس }

- والإيمان الصادق يدفع صاحبه إلى أن يقف وقفة إيمانية يراجع فيها نفسه ومدى تمثله لصفات المؤمنين الواردة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ووأن يستجيب لكل آية في القرآن تناديه بقول { يأيها الذين ءامنوا } أن ينتبه أشد الانتباه إلى ما بعد النداء ليتمثله ولسان حاله يقول سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا إليك المصير .

عندما تتحول الأقوال إلى أفعال



جاء الإسلام الحنيف بأوامره ونواهيه وأخلاقياته وسلوكياته متوافقًا مع الفطرة البشرية التي فطرها الله - سبحانه وتعالى - حتى يتمكن الناس من تحقيق ما أمرهم الله به ، ليكون دينًا واقعيًّا قابلًا للتطبيق على أرض الواقع، وليس أفكارًا تملأ عقولَ البشر وتشغلهم دون تحقيقها.


فسموُّ الأهداف والنصوص يتحقق عندما يكون لها تأثير فعَّال في قلوب الناس، وتلمس جوارحهم ومشاعرهم ، وتصبح واقعًا ملموسًا، يستفيد الناس منها، فتُسعدهم في الدنيا، وتكون لهم أجرًا وجزاءً في الآخرة.


والمناهج والنصوص مهما كانت سامية لا يكون لها تأثير فعَّال إلا إذا تحولت إلى واقع يتحرك ، ويترجم الأفكار والمعتقدات إلى تصرفات وسلوك.


فحاجتنا إلى القلوب العامرة بالإيمان ليست دون حاجتنا إلى الرءوس المشحونة بالمعلومات ، وحاجتنا إلى النفوس المؤمنة العاملة بإيمانها أكثر من حاجاتنا إلى النفوس العابدة التي تنفع نفسها ولا تدفع الضرَّ عن غيرها : [وَالْعَصْرِ (1) إنَّ الإنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إلاَّ الَذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)][سورة العصر ].


وتقدُّم الأمم يقاس بقدر التزامها بالقيم والمبادئ، وتمثلها بالأخلاق والسلوك، فمهما تقدمت الأمم في العلم والمعرفة والتكنولوجيا والحضارة ولا تستند إلى الأخلاق الحميدة والسلوكيات الطيبة فهي إلى زوال وإن تعالت في البنيان ، أو سيطرت بقوتها على البلدان .


فالتربية السوية هي التي تعمق في نفوس أفرادها الفكرة، وتيسِّر لهم الوسيلة لتطبيقها حتى تصبح نموذجًا واقعيًّا يمشي على الأرض، فعندما تتأصَّل الفكرة وتزداد حرارة الإيمان ينطلق صاحبها في ميدان الدعوة للتطبيق وللتبليغ والجهاد من أجل الوصول إلى غايته وإعلاء كلمة الله، وأداء أمانته التي عرضها الله عليه فقبلها: ( إنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ والأَرْضِ والْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وأَشْفَقْنَ مِنْهَا وحَمَلَهَا الإنسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72))[سورة الأحزاب] .


فلا يتصور مؤمنٌ عاقلٌ أن القرآن عبارة عن كلامٍ جافٍ جامدٍ لا روح فيه، ولا أثر له في الفكر والسلوك والأخلاق، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن). وقال أيضًا : (والذي نفسي بيده ، إن حق تلاوته أن يُحل حلاله ويُحرم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله).


وقال الحسن البصري رحمه الله : (والله ما تدبَّره من حفظ حروفه وأضاع حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله، ولا يُرى للقرآن عليه في خلق ولا عمل).


والذي يُدمع العينين ويُحزن القلب أنك ترى مسلمين مغلوبين على أمرهم، يستصرخون، وينادون هل من ناصر؟، فلا ترى أياديَ تمتد إليهم بالنصرة، ولكنك ترى أجسادًا بالية، مرتجفة، تخاف أن تفكر في نصرة إخوانهم، أو تمد يدَ العون لفقرائهم، فأين نحن من القرآن يا أمة القرآن؟.


إلى متي نظل ننظر إلى كلام الله على أنه عظيم في القلوب وليس له أثر على أرض الواقع؟ فلا يحرك ساكنًا ، ولا يطعم جوعانًا ، ولا يكسو عريانًا ، ولا يردُّ عدوًا.


فالقوى الهمجية التي لا أخلاق تردعها، ولا قيم تهذبها، ولا قوة تقف أمامها، ستستبد في الكون، فتمتصُّ ثرواته، وتسحق أبريائه، وتنحر حمائم السلام ، ثم تضع على أجسادها أغصان الزيتون، وتعلن من فوق الأجساد والركام أنها داعية السلام، وراعية الأمن والأمان على الكرة الأرضية ، فالأمة التي لا أخلاق لها ولا تؤمن بفكرة ، ولا تلتزم بعقيدة ، ولا تحوِّل أقوالها إلى أفعال فهي إلى زوال، وإن طغت حضارتها المادية يومًا من الأيام.


وما جاء الإسلام ليتدين الناس باسمه، ويتركون فعله، فنحن أمة نبيٍّ بُعِثَ ليُتَمِّمَ مكارم الأخلاق، فأكمل لنا الدين ، ورضي لنا الإسلام دينًا، ليقودنا إلى الأفعال التي لها أثر، وينهانا عن الأقوال التي لا تُسْمِنُ في تشدقها ، ولا تغني في ترنمها، ولا تنفع في جدالها.


إن صدق الإيمان أن تتحول الأقوال إلى أفعال، فتتحول الأفعال إلى آثار يشعر بها البعيد والداني، فيلمس القلوب، فيحولها من قلوب تؤمن بالفكرة إلى قلوب عاملة لها ، داعية إلى طاعة ربها؛ لأنها وجدت نموذجًا حيًّا يسير على الأرض يطبق ما يؤمن به ، وعندها يتحقق فينا قول الله تعالى : (وعَدَ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَذِي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ومَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ)[ النور :55].


خليل الجبالي

الشورى الملزمة


الشورى في الإسلام:


الشورى قيمة إسلامية عليا ، وفريضة شرعية ، وأمر معلوم من الدين بالضرورة، فهي واجبة الأداء سواء أكانت معلمة أم ملزمة، لأن الله أمر بها كما أمر بالصلاة والزكاة في آية واحدة، فهي بمنزلة الفرائض لذلك أمر الله رسولنا بهذه الفروض الثلاثة مجتمعة مبلغاً عن ربه منذ فجر الدعوة إذ قال الله تعالى:  والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون [الشورى: 38] وهذه الآية من الآيات المكية، وقد جاء الأمر فيها بالشورى مجملاً، كما جاء الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مجملاً، جاءت سنة رسول الله لتبين الممارسة العملية للشورى، وكان رسول الله صل الله عليه وسلم غنياً عنها لأنه موحى إليه من ربه وذلك في غير ما نزل به نص قطعي الدلالة، امتثالاً لأمر الله تعالى، وتعليما للمسلمين وإرشاداً لهم. وقال فيما رواه الترمذي: "إذا كان امراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم، وأمركم شورى بينكم، فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كان امراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم، وأمركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها".


والشورى هي الطريقة التي شرعها الله تعالى لصنع واتخاذ قرارات في كل المستويات، فأي قرار يتخذ لتنعكس آثاره على غر متخذ القرار على مستوى الأمة أو دون ذلك، أو على مستوى الأسرة أو أعلى من ذلك، أو حتى على مستوى المشروع الخاص فينبغي أن يكون نتاج المشاورة، لعموم قول الله تعالى: وأمرهم شورى بينهم [الشورى: 38].


فالشورى تعني مناقشة وتقليب النظر في أمر من الأمور العامة، أو شأن من شؤون الأمة، أو البحث في إحدى القضايا ذات الصلة والمساس بمصالح الشعب أو الوطن، وتمحيصها من المفكرين والعلماء وأصحاب المشورة للوصول إلى الأفضل والأصوب والأقرب إلى تحقيق مصالح البلاد والعباد.


لهذا كله فقد أنزلتها الرسالة الإسلامية منزلة عظيمة، وبوأتها الشريعة السمحاء مكانة كبيرة في أصول التشريع، وخص الكتاب المبين الشورى بإحدى سوره الخالدات، واعتبر الالتزام بأحكامها والتخلق بآدابها من مكونات الشخصية الإسلامية، ومن صفات المؤمنين الصادقين، وتأكيداً على أهمية الشورى وردت في القرآن مقرونة بفرائض عينية لا يتم الإسلام ولا يكتمل الإيمان بدونها، كالصلاة والإنفاق واجتناب الفواحش، فقال جل شأنه: والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون (37) والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون [الشورى: 37، 38].


وهكذا دخلت أحكام الشورى وآدابها في حياة الفرد والأسرة، وفي العبادات والمعاملات، فالآية من سورة البقرة تشير إلى شأن من شئون الأسرة الخاصة بالزوجين فتقول: (فإن أراد فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما ) [البقرة: 233].


وقد أكثر المفسرون والفقهاء والحكماء من التحدث عن الشورى ومكانتها وتأثيرها في كتب التفاسير والأحكام السلطانية والسياسية الشرعية، حق اعتبرها كبار المصلحين ظاهرة صحيحة ودليلاُ ساطعاٌ على رقي المجتمع وازدهاره، كما اعتبروا غيابها دليلاُ على فشو الظلم والاستبداد .


فالخليفة العادل عمر بن الخطاب يقول: ( لا خير في أمر أبرم من غير شورى ) .


استشارة الرسول صل الله عليه وسلم :


كان رسول الله  أكثر الناس استشارة لأصحابه، يستشيرهم في الأمور الكبيرة والصغيرة، وفي أيام السلم وإبان الحروب، ويسأل الرجال والنساء، ويصغي لآرائهم فرادى وجماعات. ويستشير المسلمين في معركة بدر فيشير الصحابي الحباب بن المنذر بتغيير الخطة في القتال، فيأخذ برأيه ويقوله له: لقد أشرت بالرأي. كما ينزل رسول الله  على رأي أصحابه في معركة أحد، وبالرغم من أن المسلمين خسروا المعركة فإن القرآن الكريم أكد على مبدأ الشورى، فنزل قوله تعالى بعد معركة أحد فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر [آل عمران: 159] فإذا خسر المسلمون جولة أو معركة وتأصل مبدأ الشورى في مجتمعهم خير لهم ألف مرة من أن يؤول أمرهم إلى تسلط حاكم ظالم، وينتهي حالهم إلى الاستبداد والاستعباد.


الصحابة يستشيرون:


لقد سار الخلفاء والأصحاب على نهج نبيهم وقائدهم في الحياة القاسية، وطبقوا نظام الشورى في عصر الراشدين، فالصديق يستشير الفاروق ويجمع الصحابة للتداول معهم في أي موضوع لا يجد فيه نصاً من كتاب وسنة، وكذا كان يفعل عمر بن الخطاب وعثمان وعلي وقادة الفتح، ففي أثناء الصراع مع الفرس طلب قائد الجيش الكسروي لقاء مع قائد المسلمين للتفاوض معه، وبعد أن عرض الفارسي ما لديه أجابه قائد الجيش: أمهلني حتى أستشير القوم، فقال له الفارسي: إننا لا نؤمر علينا من يشاور، قال له قائد المسلمين: ولهذا نحن نهزمكم دائماً، فنحن لا نؤمر علينا من لا يشاور.


فالصديق رضي الله عنه يتخذ قراره في حرب المرتدين بعد استشارة واسعة للصحابة، أقنعهم بما أورد من نصوص وما ساق من حجج، وهذا ما فعله الفروق في أرض السواد، وما اشترطه عليٌّ من وجوب العودة إلى أهل الشورى ليقولوا رأيهم في تسلمه إمارة المؤمنين.


من ثمرات الشورى:


وقد أطنب من تحدث عن فوائد الشورى ومنافعها وما تجلبه من خير، وعن مآسي الاستبداد وما يجره على الأمة من الويل، فقد ساق الدكتور محمد عبد القادر أبو فارس في كتابه النظام السياسي في الإسلام نقولا عظيمة من كتب السالفين مثل المقولة العظيمة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو يتحدث عن فوائد الشورى فيقول: في المشورة سبع خصال، استنباط الصواب، واكتساب الرأي، والتحصن من السقطة، وحرز من الملامة، ونجاة من الندامة، وألفة القلوب، واتباع الأثر. وكالذي أورده على لسان الأحنف بين قيس عندما سئل: بأي شيء يكثر صوابك ويقل خطؤك فيما تأتيه من الأمور وتباشره من الوقائع؟ قال: بالمشاورة لذي التجارب.


فالشورى إذن هي منهاج الإدارة في صنع واتخاذ القرار وهي عكس الاستبداد بالرأي، لما تسمح به من تنوع في الآراء التي تعرض قبل "العزم" أي قبل حسم الأمر، وقد أنزل الله تعالى قرآناً في حالتين من الحالات التي مورست فيها الشورى قبل بعثه محمد صل الله عليه وسلم .


الحالة الأولى: كانت استشارة فرعون في أمر موسى عليه السلام:


وقد مهد فرعون لهذه الشورى بجهد كبير للتضليل والتعممية، وأورد بعض المفتريات التي اعتبرها من المسلمات، فحسم بذلك أمر الشورى قبل أن تبدأ: وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد [غافر: 39] (ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي افلا تبصرون (51) أم أنا خيرٌ من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين (52) فلولا ألقي عليه أسورةٌ من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين [الزخرف: 51-53] قال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحاً لعلي أطّلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين [القصص: 38].


وبذا وجه فرعون حملته النفسية ضد شعبه "قومه" وضد النخبة منهم "الملأ"، وكانت نتيجة هذا التمهيد بالباطل، ولأن قوم فرعون لا يعرفون للشورى معنى ولا ضرورة فقد تأهل الجميع لقبول قرار الطاغية فشاركوه في جرمه وكانوا قوماً فاسقين: فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين [الزخرف: 54].


ونتيجة لوجود هذا الرأي العام الفاسد جاءت الشورى، مجرد تسليم لرأي الطاغية المستبد ومحاولة لإرضائه، فقالت النخبة المحيطة به (الملأ): قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم (34) يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون (35) قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين (36) يأتوك بكل سحّار عليم [الشعراء: 34-37


ولذا كان قراره بقتل موسى عليه السلام ومن معه مقبولاً لديهم وأعانوه عليه.


- وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يُظهر في الأرض الفساد [غافر: 26].


- فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من أليم ما غشيهم (78) وأضل فرعون قومه وما هدى


ولم يحل بينهم وبين إتمام تنفيذ القرار الخاطئ إلا أن نصر الله تعالى نبيه والذين آمنوا معه.


الحالة الثانية: هي استشارة ملكة سبأ لقومها في خصوص أزمة ثارت بسبب كفرهم وسجودهم للشمس من دون الله، وبلوغ هذا الأمر سليمان عليه السلام فبعث خطابه يدعوهم إلى العدول عن هذا، ملوّحا باستخدام القوة إذا لم يمتثلوا، وظلوا يستكبرون، قال تعالى:


(قالت يا أيها الملأ إني ألقي إليَّ كتابٌ كريم (29) إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم (30) ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين (31) قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمراً حتى تشهدون (32) قالوا نحن أولوا قوةٍ وأولو باس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين [النمل: 29-32].


وبذا تنازلت "النخبة" (الملأ) عن أداء الشورى، ولم يضعوا أمام متخذ القرار خيارات وبدائل، فسلموا مقدما بحق ملكتهم في الاستبداد بالرأي مذعنين مسبقاً لقرارها.


وليس هذا بالأمر المفيد لمتخذ القرار، إذ يحرمه من تمحيص الأمر والنظر إليه من عدة زوايا، بل على العكس من هذا يفرض عليه حصاراً، ويضيق أمامه الأفق الرحب، فلا يرى إلا رأى نفسه.


ونم ثم فقد اعتمدت ملكة سبأ على خبراتها الشخصية فقط، وعلى توجهها العقدي:


(وصدّها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قومٍ كافرين [النمل: 43].


كان قرارها قرار امرأة، تميل إلى التحفظ والكيد، أكثر من ميلها إلى العقل والإقدام، والمخاطرة المحسوبة، وجاء قرارها مسبوقاً بمبرر كما يلي:


 قالت إن الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون (34) وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرةٌ بم يرجع المرسلون [النمل: 34، 35].


وتقص علينا الآيات الكريمات خطأ قرارها وسوء تقديرها إذ كانت الشورى معيبة:


 فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون (36) ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون [النمل: 36، 37].


الشورى واجبة الاتباع:


ذلك وقد بين لنا القرآن الكريم، وفصلت لنا السنة النبوية المشرفة القولية، والعملية الشورى الإسلامية كقيمة عليا، وفريضة واجبة وكأمر من أمور الدين المعلومة بالضرورة، يقول الله تعالى:


فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين [آل عمران: 159]. وهذه آية كريمة نزلت بعد غزوة أحد لتقر الأسلوب الذي اتبعه رسول  في مشاورة أصحابه قبيل لقاء الكفار في غزوة أحد لتقر الأسلوب الذي اتبعه رسول الله  في مشاورة أصحابه قيل لقاء الكفار في غزوة أحد.


ففي قول ربنا: فبما رحمةٍ من الله لنت لهم وهذا أمر صريح بلين الجانب وإشاعة الطمأنينة في قلوب المستشارين (صناع القرار)، ونزع الرهبة والخوف من قلوبهم والترخيص لهم بمناقشة ولي الأمر، والأصل هو الطاعة فيما أحب الإنسان أو كره.


ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولكفلو أن المستشارين شعروا بالرهبة في مجلس القائد أو الرئيس لالتزموا بالطاعة طلباً للسلام، ولأراحوا أنفسهم في كل ما يقول، فلا يشحذون قرائحهم ولا يطرحون أفكارهم، ولا يجشمون أنفسهم عناء بذل الجهد دفاعاً عن حججهم.


فالجو الذي يجب أن يسود على حد تعبير ابن كثير في (تفسير القرآن العظيم) هو جو تأليف القلوب وتطييبها ليكون أنشط لهم فيما يفعلونه.


فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا ما ساد جو الطمأنينة بين المستشارين، كان حقاً على كل منهم أن يبذل غاية جهده في عرض تصوره وفي عرض الحلول والبدائل، وإبداء المبررات والخيارات والأولويات.


وعطف (المشورة في الأمر) على العفو والاستغفار لا يفيد الترتيب بالضرورة، فهما يأتيان متلازمين ويستمر العفو والاستغفار إلى ما بعد انتهاء مجلس الشورى، وهو عفو واستغفار عما يكون أي من المستشارين قد وقع فيه من لغو في القول، أو غلظة في الحديث دون قصد لما يستشعره في نفسه من أمانة وإخلاص وغيرة على المصلحة.


حكم الشورى:


تحدث كثيرون في القديم والحديث عن الشورى وحكمها في الإسلام. فرجع الفخر الرازي في تفسيره الكبير أنها واجبة لأنها جاءت – كما يرى- على صيغة الأمر مما يقتضي الوجوب، كما رجح ذلك القرطبي في تفسيره. وقد روى أبو هريرة فيما أخرجه البخاري فقال: ما رأيت أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله  .


ولكن الآراء تختلف حول الشورى التي هي دعامة من دعائم الحياة السياسية، وقاعدة من قواعد الحكم في الإسلام. فثمة رأي يقول بأنها ملزمة، وثمة رأي آخر يقول بأنها معلمة، فالشورى الملزمة هي التي تجعل الحاكم أو المسؤول مقيداً بالقرار الذي يصدر عن الجماعة ممثلة في مجلس نيابي، أو بالمشورة التي تصدر عن أهل الحل والعقد، كما هو التعبير الشائع في الفقه الإسلامي، والذين يقولون بالشورى المعلمة ذكروا بأن السلطان أو الحاكم، أو الأمير أو الملك، أو أمير المؤمنين يستشير العلماء والفقهاء والمفكرين وأصحاب الخبرة، لكنه في النهاية ليس ملزماً بآرائهم، بل يفعل ما يراه حسناً ويدخل ضمن قناعاته، ما دام لم يخالف النص أو يخرج عليه.


الشورى واجبة وملزمة:


إذا تتبعنا رأي الفقهاء والمفكرين والمجتهدين المحدثين والمعاصرين نجد أنهم قد انتهوا إلى إلزامية الشورى للمسؤول، بعد صدورها عن المجالس المختصة، والهيئات المعنية مستأنسين بالنصوص الواردة في المصدرين الأساسيين، القرآن الكريم والسنة المطهرة.


ففي القرآن الكريم وردت آيتان كريمتان حول الشورى. الأولى (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله) [آل عمران: 159].


والبعض يفهم من هذا أن الإمام يستشير ثم بعد ذلك يعزم، على ماذا يعزم؟ على تنفيذ رأي لا يراه؟ أم على رأي يخالف فيه أهل الشورى والاختصاص والدراية بمجموعهم أو بجمهورهم؟ إن الشورى لا تتناقض مع العزم بعد أن يتضح الأصوب والأصلح.


والآية الثانية تصف أمر المؤمنين في حياتهم وفي صلاتهم وعلاقاتهم، وفي صميم شئونهم بأنه يقوم التفاهم والتشاور وصولاً إلى الأمثل والأفضل.


وأما في السنة وهي الأصل الثاني أو الأساس الثاني في الإسلام فنجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذهب في الشورى مذهباً بعيداً، إذ كان كثير الاستشارة لأصحابه ولآل بيته، وللرجال والنساء وللكبار والصغار ولعامة الناس بأشكال مختلفة وطرق متنوعة، أي أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم سواد الناس على المشاركة والتفكير وتحمل المسؤولية.


كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأبي بكر وعمر: لو اجتمعتما على أمر ما خالفتكما، وفي هذا إشارة واضحة إلى مبدأ الأكثرية، فإذا وجد ثلاثة والتقى اثنان منهما على رأي، فما على الثالث إلا أن ينزل على رأي صاحبيه، هذا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نبي مرسل يوحى إليه، وذلك تأصيلاً للشورى والمشاركة، وإشارة إلى مفهوم الأكثرية، فكيف يكون موقف المسؤولين في الحكومات والأحزاب والشركات وهم ليسوا أنبياء ولا يتنزل الوحي عليهم؟‍!.


وفي العادة تتقلص دائرة الشورى، ويضيق هامشها في إبان الحروب جراء الظروف التي لا تسمح باتساع دائرة الحوار، ومع ذلك وحرصاً من الرسول الكريم على تثبيت هذه الدعامة في حياة المجتمع الإسلامي، فإنه صلى الله عليه وسلم في أثناء الحروب التي خاضها المسلمون في بدر وأحد والخندق استشار أصحابه، ونزل على آرائهم دون أن نرى في كتب السيرة أنه صلى الله عليه وسلم عاتب أصحابه على آرائهم التي لم تؤد إلى النتيجة التي كانوا يتوخونها، فلم يقل لهم: أرأيتم عندما تحمستم للخروج من المدينة إلى أحد، وخالفتم رأيي ماذا حل بكم؟ كيلا يتقلص تفكيرهم، وحتى لا تضيق دائرة مشاركتهم، لأنهم كانوا يصدرون فيما ارتأوه عن إخلاص واقتناع.






موقف الفقهاء المعاصرين:


عندما نقف على فقه العلماء والمجتهدين المعاصرين، ونقرأ ما كتبوه وما صدر عنهم، نرى أن عدداً كبيراً من المتضلعين منهم، الموثوقين في علومهم وأماناتهم قد قالوا بالشورى الملزمة أو انتهوا إليها.


فالشهيد حسن البنا رحمه الله قال في أول حياته بالشورى المعلمة، وكان متحمساً لها، ويحمل إخوانه بالحوار على الأخذ بها، ولكنه في أيامه الأخيرة انتهى إلى الأخذ بالشورى الملزمة، وترك لنا قانون الجماعة التي صاغته لجنة مؤلفة من: الأٍساتذة (عبد الحكيم عابدين وطاهر الخشاب وصالح عشماوي رحمهم الله)، وكان الأستاذ حسن البنا على رأس هذه اللجنة التي قدمت مشروع النظام، وتم إقراره في عام 1948 أي قبل استشهاده بعام واحد، ينص هذا القانون على الأخذ والالتزام برأي الأكثرية، وإذا ما تعادلت الأصوات فإن رئيس الجماعة أو الإدارة يكون مرجحاً، وهذا هو المعمول به في كل المؤسسات المعاصرة في معظم أنحاء العالم.


وكأننا بالأستاذ البنا رحمه الله قد أخذ بالشورى المعلمة، عندما كان تلامذته ناشئين، وبعد أن بلغوا مرحلة متقدمة في الوعي، والفهم انتهى إلى الأخذ بالشورى الملزمة، لتكون أصلاً ثابتاً في القانون الأساسي للتنظيم الذي أنشأه وقاده.


وللمودودي رحمه الله موقف يشبه موقف الشهيد حسن البنا، إذ قال بالشورى المعلمة ونص في كتابه – نظام الحياة في الإسلام- أنه يجوز لرئيس الدولة أن يستأثر بحق الرفض والرد، ثم انتهى به المطاف وبلغت به التجربة الطويلة عبر قيادته للتنظيم، الذي أسسه وقاده، أن يعدل عن هذا الرأي، ويأخذ بمبدأ الشورى الملزمة، ويثبت ذلك في كتابه – الحكومة الإسلامية- وينص على التسليم بما يجمع عليه أهل الشورى أو أكثريتهم، وإلا فإن الشورى في هذه الحالة تفقد معناها وقيمتها كما يقول المودودي رحمه الله.


وفي حوار مع الدكتور معروف الدواليبي الذي قام على تدريس أصول الفقه في جامعة دمشق لفترة طويلة، أكد رأيه في الشورى الملزمة، ونوه بأن هذا الأمر قد بلغ-كما يرى- مستوى الإجماع، وممن قالوا بإلزامية الشورى الشيخ سعيد حوى، وقال: هذا الأمر من الموضوعات التي يُفاضل عليها ولا يستطيع أن يتساهل بها أو يسكت عليها، لأنه بالغ الأهمية في حياة الأمة ومستقبلها. كما قال بذلك الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه –الفرد والدولة- ونص على الأخذ برأي الأكثرية أيضاً، أما الأستاذ محمد الغزالي فقد نشر في مجلة الأمة القطرية العدد 43 حواراً تحدث فيه عن البيعة والشورى كلاماً صريحاً، ووصف من يزعم بأن الشورى غير ملزمة بعبارات حادة، فقال: أرفض من يقول: الحاكم في الإسلام يتصرف دون مجالس شورى تشير عليه، وله أن ينفرد برأيه متخطياً كل رأي يعرض، هذا كلام لا يمكن أن يقال: وصاحب الرسالة المعصوم عليه الصلاة والسلام ما زعم لنفسه فكيف يزعم للآخرين؟! .. القول بأن الشورى لا تلزم أحداً كلام باطل ولا أدري من أين جاء، لعل فكرة عدم إلزامية الشورى وفكرة المستبد العادل كلها كانت فلسفة لواقع معين لتبرير وتسويغ الاستبداد السياسي من فقهاء السلطة، ويتابع الأستاذ الغزالي حواره مع مجلة الأمة فيقول: فالذي رأيناه في سيرة النبي صلى الله عليه وسلمأنه التزم بالشورى. إن الشورى من مبادئ الإسلام، وقبل أن تقوم للمسلمين دولة قيل لهم: مجتمعكم هذا الذي لما يتحول بعد إلى دولة، يجب أن يقوم أمره على الشورى (وأمرهم شورى بينهم) [الشورى: 38]. كان ذلك في العهد المكي، وعندما قام المجتمع على دولة بعد أن انتقل إلى المدينة، فإنه قيل للرسول صلى الله عليه وسلم بعد هزيمة أحد (وشاورهم في الأمر) [آل عمران: 159] ، وكان أول اختبار للشورى في غزوة الأحزاب عندما كاد النبي صلى الله عليه وسلم يمضي معاهدة بينه وبين القبائل الوثنية المحدقة بالمدينة، والتي توشك على اقتحامها، فلما عرض على زعيمي الأوس والخزرج رفضا ذلك فقبل الرسول منهما رأيهما وأخذ به. هذا كلام الشيخ الغزالي.


ومن مشاهير الشيوخ وجهابذة العلماء الذين قالوا بإلزامية الشورى الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله، فقد التزم به وارتضاه لنفسه طيلة الفترة التي كان فيها مسؤولاً عن تنظيم الإخوان في سورية. وكذلك الشيخ محمد شلتوت في كتابه: من توجيهات الإسلام، والدكتور يوسف القرضاوي والشهيد سيد قطب والشهيد عبد القادر عودة والدكتور محمد عبد القادر أبو فارس وغيرهم، فهؤلاء جميعاً قالوا بإلزامية الشورى، مؤكدين ذلك في كتبهم ومحاضراتهم وما خلفوه لنا من تراث فكري وآثاره علمية ثمينة.


لا يجوز الانفراد بالقرار:


ولا يجوز الاحتجاج بأن الرئيس أو القائد متخذ القرار يملك رؤية أوسع، إذا كانت لديه الفرصة لوضع كل الحقائق والمعلومات أمام مجلس الشورى.


لعل هذا هو الذي يوافق السنة العملية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد:


لما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيرة قريش لقتاله، حتى بلغوا مسافة خمسة أميال من المدينة، بعث من يتحسس الأخبار، كي لا يتخذ القرار إلا على معلومات مؤكدة، ثم استشار أهل الرأي فانقسموا إلى قسمين:


البعض الآخر أشار بالخروج لملاقاة العدو ردعاً له، وإظهار لشوكة المسلمين. وقد تغلب هذا الرأي في النهاية، فكان أن اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراره على مقتضى ما أشارت به الأغلبية رغم مخالفتها لما كان يراه.


ولم يأت القرار إلا بعد المراجعات والمناظرات التي تسبق القرار. وكان "العزم" (أي القرار) أن يتهيأ الجميع للمعركة وملاقاة العدوة عند جبل أحد، بنظام دقيق فصله رسول الله صلى الله عليه وسلم، يضمن حسن استخدام الجبل كموقع استراتيجي هام، لا يجوز التخلي عنه حتى تحسم المعركة، وأوصى المجاهدين بالتزام ما أمرهم به والصبر، فإن فعلوا فالنصر لهم بإذن الله.


وقد سار الخلفاء الراشدون من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الشورى على نفس النهج:


فلما استشار أبو بكر رضي الله عنه في قتال من منعوا الزكاة، وعارضه من عارض، وكان منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لم يترك الأمر، ولم يستبد برأيه، فحاجهم أبو بكر حتى حجهم، وكان قراره بقتال من فرقوا بين الصلاة والزكاة باعتبارهم مرتدين عن الإسلام.


ويروي القاضي أبو يوسف في كتابه "الخراج" أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شاور صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن أرض العراق والشام، التي أفاء الله بها على المسلمين، وكان يرى إبقاءها مالاً عاماً للمسلمين تسد بها الثغور (أي ينفق منها على الجهاد في سبيل الله) ويرزق منها القضاة والعمال (أي يعطي منها أجور القضاة والولاة وكبار موظفي الدولة والجند) وينفق منها على الأرامل واليتامى والمحتاجين وينتفع بها أو المسلمين وآخرهم، وكان هناك من تكلم بغير رأي عمر رضي الله عنه فجمع مجلساً للشورى من عشرة نفر من أهل المدينة وظلوا في حوار وجدل ثلاثة أيام حتى ساق عمر من الحجج ما أقنعهم بصواب رأيه وكان على ذلك قراره.


ولا يظنن أحد أن عمر رضي الله عنه قد مارس ضغطاً أدبياً على مجالس الشورى، بل على العكس، فإنه قال لهم حين اجتمع: "إني لم أزعجكم إلا لأشرككم في أمانتي، وفيما حملت من أموركم، فإني واحد كأحدكم، وأنتم اليوم تقرون الحق خالفني من خالفني، ووافقني من وافقني، ولست أريد أن تتبعوا رأيي، معكم من الله كتاب ينطق بالحق، فوالله لئن كنت نطقت أمراً أريده ما أريده به إلا الحق".. قالوا: نسمع يا أمير المؤمنين .. الخ.


على أنه إذا فرض وتساوى الرأيان، فعلى صاحب القرار أن يرجح كفه أحدهما ولعل هذا ما يوافق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه أبي بكر وعمر: "لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما".


فإذا ما تعددت الآراء ولم تظهر أغلبية، فإن الشورى لا تكون قد اكتملت بعد، وعلى صاحب القرار أن يبذل وصحبه من الجهد ما يظهر هذه الأغلبية، فيتخذ القرار والجميع في حالة اطمئنان بأن كلا منهم قد أدى الفريضة كما ينبغي، ويكون ذلك من خلال المزيد من بسط الموضوع والاستماع إلى آخرين من ذوي الخبرة والرأي للاسترشاد برأيهم، وبذل الجهد في فهم كتاب الله وسنة رسوله.


لقد أمر الإسلام بالشورى كنظام يتبع داخل الجماعة المسلمة، كل يدلي برأيه على مرأى ومسمع من الجميع، دون حجر على رأي أو استهزاء به أو سخرية من قائله، أو إهمال لمبديه، ولذلك كان من الخطر على بنيان الجماعة أن يتناجى اثنان أو أكثر بعيداً عن أعين الآخرين ودون علم القيادة، من أجل ذلك نهى المولى عن التناجي حتى لا توغر الصدور ولا تنقطع الأرحام، ولا تفسد المودة التي تربط الجميع.


الشورى والنجوى:


يبدو أن بعض المسلمين ممن لم تتطبع نفوسهم بعد بحاسبة التنظيم الإسلامي، كانوا يتجمعون عندما تحزب الأمور ليتناجوا فيما بينهم، ويتشاوروا بعيداً عن قيادتهم، الأمر الذي لا تقره طبيعة الجماعة الإسلامية، وروح التنظيم الإسلامي التي تقتضي عرض كل رأي وكل فكرة، وكل اقتراح على القيادة ابتداء، وعدم التجمعات الجانبية في الجماعة، كما يبدو أن بعض هذه التجمعات كان يدور فيها ما قد يؤدي إلى البلبلة وما يؤذي الجماعة المسلمة، ولو لم يكن قصد الإيذاء قائماً في نفوس المتناجين ولكن مجرد إثارتهم للمسائل الجارية وإبداء الرأي فيها على غير علم قد يؤدي إلى الإيذاء وإلى عدم الطاعة ولذلك ناداهم الله بصفتهم التي تربطه به، وتحمل النداء وقعه وتأثيره (يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون (9) إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) [المجادلة: 9، 10].


فهو سبحانه ينهاهم عن التناجي –إذا تناجوا- بالإثم والعدوان ومعصية الرسول، ويبين لهم ما يليق بهم من الموضوعات التي تناجى بها المؤمنون (وتناجوا بالبر والتقوى) [المجادلة: 9] لتدبير وسائلها وتحقيق مدلولها، والبر: الخير عامة، والتقوى اليقظة، والرقابة لله سبحانه وهي لا توحي إلا بالخير، ويذكرهم بمخافة الله الذي يحشرون إليه، فيحاسبهم بما كسبوا وهو شاهده ومحصيه، مهما ستروه وأخفوه.


قال الإمام أحمد: حدثنا بهز وعفان، قالا: أخبرنا همام، عن قتادة، عن صفوان بن محرز، قال: كنت آخذاً بيد ابن عمر، إذ عرض له رجل فقال: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه، ويستره من الناس ويقرره بذنوبه، ويقول له: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك قال: فإنى قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطي كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين".


والمولى سبحانه وتعالى ينفر المؤمنين من التناحي والمسارة والتدسيس بالقول في خفية عن الجماعة المسلمة، التي هم منها، ومصلحتهم مصلحتها، وينبغي ألا يشعروا بالانفصال عنها شأن في الشؤون، فيقول لهم: إن رؤية المسلمين للوسوسة والهمس والانعزال بالحديث تبث في قلوبهم الحزن والتوجس، وتخلق جواً من عدم الثقة، وأن الشيطان يغري المتناجين ليحزنوا نفوس إخوانهم ويدخلوا إليها الوساوس والهموم، ويطمئن المؤمنون بأن الشيطان لن يبلغ فيهم ما يريد.


عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه".


وهو أدب رفيع، كما أنه تحفظ حكيم لإبعاد كل الريب والشكوك، فأما حيث تكون هناك مصلحة في كتمان سر، أو ستر عورة، في شأن عام أو خاص، فلا مانع من التشاور في سر وتكتم، وهذا يكون عادة بين القادة المسؤولين عن الجماعة، ولا يجوز أن يكون تجمعاً جانبياً بعيداً عن علم الجماعة، فهذا هو الذي نهى عنه القرآن، وهذا هو الذي يفتت الجماعة أو يوقع في صوفها الشك وفقدان الثقة، وهو الذي يدبره الشيطان ليحزن الذين آمنوا ووعد الله قاطع في أن الشيطان لن يبلغ بهذه الوسيلة ما يريد في الجماعة المؤمنة، لأن الله حاميها وكالئها، وهو شاهد حاضر في كل مناجاة، وعالم بما يدور فيها من كيد ودس وتآمر، وقد وعد الله بحراسة المؤمنين، فأي طمأنينة بعد هذا وأي يقين؟.


الشورى تحسم الخلاف:


إن سيادة مبدأ الشورى لم يكن وقفاً على فئة دون غيرها، وإنما امتد لينعم في ظله جميع المسلمين، ذلك لأن القيادة المخلصة تحذر من التنازع والاختلاف المؤدي إلى الشتات والتمزق الذي يجر إلى الضعف، وذهاب القوة، وإعطاء العدو الفرصة للانقضاض عليهم، ومحاولة الحفاظ على جمع الكلمة والتئام الصف وتلاحم بنية الجماعة، وهذا لا يتم إلا عند صفاء النفوس والابتعاد عن ركوب الأهواء، والطاعة الكاملة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولولي الأمر في غير معصية وتسيير الأمور تحت إطار النص من الكتاب أو السنة، أو الشورى فيما لا نص فيه.


ولذلك كان من الأمور التي تضمن سلامة الجماعة من التصدع والشقاق الرجوع للشورى بشرط أن تكون في أهلها من ذوي العلم والرأي، فهم أهل المعرفة بمواطن المصلحة والمفسدة. والتنازل لرأي الجماعة بعد تداول الرأي وتمحيصه لا يترك سبيلاً للخلاف، وقد أرشد إلى التشاور رب العزة تبارك في قوله: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) [آل عمران: 159] وقال: (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) [الشورى: 38].


ولذلك فإن القيادة المخلصة تضع مبدأ الشورى موضع التنفيذ لأن ربنا يقول: (وشاورهم في الأمر) ويعني هذا أن تكون المشاورة فيما يحكم فيه بطريق الاجتهاد، لا فيما يحكم فيه بطريق الوحي، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم: "أنا أقضي بينكم فيما لم ينزل فيه وحي" وروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: قلت يا رسول الله، الأمر ينزل بنا لم ينزل فيه قرآن، ولم يمض فيه منك سنة، قال: "أجمعوا له العالمين" أو قال: "العابدين من المؤمنين فاجعلوه شورى بينكم ولا تقضوا فيه برأي واحد".


وعلى القيادة وهي وسط الأمواج والأنواء والأعاصير، تحرى الصواب فيما لا نص فيه، بما يحقق مصلحة الجماعة بالضوابط الشرعية، بل تبذل الجهد للوصول إلى أصوب الرأيين، وأهون الضررين، وأرجح المصلحتين، وقد قيل: إن العاقل هو الذي يعرف الخير من الشر، أما الحكيم فهو الذي يعرف خير الشرين إن كان في الشر خيار.


ولذلك فإن في البيئة النقية تتوفر جهود العلماء وصلحائها على إرساء قواعد الحرية الفكرية التي تتغذى بالحوار، وتنمو بالمراجعة، وتصح بالنقاش، فتتنوع أساليب العمل وتتعدد وجهات النظر، فيثمر ذلك قوة في البنية الفكرية، ووعياً في التناول والمعالجة، واحتفاءً بالرأي، وتلمساً للحق، وانقياداً له، وتغذوا الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.


وهذا المسلك هو الذي حرص على تأصيله رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعامله مع صحبه الكرام، ذلك لأن عصمته من الخطأ، وتسديده بالوحي، لم تجعله يستنكف عن مشورة أصحابه، إقراراً لمبدأ الشورى في حياة المسلمين من بعده، ودفعاً لغوائل الاستئثار بالرأي، ومصادرة حق الآخرين في الإفصاح عما يخامر أذهانهم، ويتفاعل في نفوسهم، فكانت المواقف تجاه الأحداث المختلفة تجسيداً لروح الجماعة ومرئياتها المنسجمة والملتزمة بهدي النبوة.


ولا نكاد نحصي تلك المواقف التي بإمكاننا أن ندلل بها على صدق ما ذهبنا إليه، ولكننا نكتفي بموقف واحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل المثال لا الحصر:


ما حدث بعد معركة بدر عندما توجه الرسول صلى الله عليه وسلم تلقاء أصحابه قائلاً: "ما تقولون في الأسارى؟".


ولو قالوا: الأمر إليك فافعل ما ترى، لما كان في ذلك انتقاص من أقدارهم أو تقليل من مكانتهم، إذ أنهم بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام الذي جاء بالقرآن ومثله معه، ولكنهم آثروا أن يفيضوا على الموقف ما يعين في تقرير مصير أولئك الأسرى، فاتخذوا في ذلك مذاهب شتى، تنبئ عن تباين شديد في وجهات النظر، ولكن في إطار من الحوار الراقي الذي لم يكن للهوى فيه نصيب.


فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله، قوم وأهلك، استبقهم واستتبهم لعل الله أن يتوب عليهم.


وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله، كذبوك وأخرجوك، فقدمهم واضرب أعناقهم.


وقال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه: يا رسول الله، أنت في واد كثير الحطب، فاضرم الوادي عليهم حطباً، ثم ألقهم فيه. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليهم بشيء، ثم قام فدخل، فقال ناس: يأخذ برأي أبي بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة، ثم خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم عليه السلام قال: (فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) [إبراهيم: 36] ومثل عيسى عليه السلام قال: (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) [المائدة: 118] ، وإن مثلك يا عمر كمثل موسى عليه السلام قال: (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) [يونس: 89] ومثل نوح عليه السلام قال: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً) [نوح: 26].


ويبدو جلياً كم كان الرسول عليه السلام حفياً بهذه الآراء وهو يلتمس لكل واحد منها وجهاً من وجوه الحرص والغيرة.. وغير هذا الموقف الكثير الذي لا يعد ولا يحصى. وبذلك أقام النبي صلى الله عليه وسلم نموذجاً أمثل لحياة راشدة، تحققت من خلالها كرامة الإنسان وحريته في إبداء رأيه في مجتمع ساد فيه مبدأ الشورى حين آمن الجميع ولم يلبسوا إيمانهم بظلم.


الشورى عندنا ملزمة:


والشورى هي التي تفرق بين مجتمعين: مجتمع ظالم أهله، ومجتمع الأمن والإيمان، فالمجتمع الأول ترى فيه من يقول: ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبل الرشاد، فإن كانت هذه مقولة حاكمهم، فإن مقولة الأتباع نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين.


ولذلك ينبغي على قيادة العمل الإسلامي ألا تسلك هذا المسلك الذي يحطم إرادة الرجال ويمنع تفكيرهم، فلا يجوز أن تفرض رأياً وتهدر الشورى، وتنفرد بالنظر بل لابد لها من أن تقتدي بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، ومن تبعهم بإحسان وتلتزم بالشورى، وتتخلص من مظاهر السلوك الفردي المتمثل في إصرار كل ذي رأي على رأيه وكل ما يصادف في النفس هوى وقبولا، وسوء الظن بمقدرة الآخرين وأهليتهم في التفكير والرؤية، والاعتصام بمبدأ ما أريكم إلا ما أرى.


فليست هناك فكرة أو رأى أو أسلوب يمكن أن نحيطه بهالة من التقديس، أن نضعه في إطار زجاجي شفاف ونكتب عليه: ممنوع اللمس أو الاقتراب، والموقف الصائب في ذلك ما ذهب إليه الإمام مالك رضي الله عنه وهو يقول: إنما أنا بشراً اخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه.


وعلى هذا ففي وسع أي إنسان –بتوفيق الله- أن يرشد إلى ما فيه الصلاح والسداد، ما دام سلك الطريق المستقيم، ويبتغي الهدى السامي ملتزماً بتوجيهات الإسلام وضوابطه.


وقد أصبح هذا الأسلوب أمراً مستقراً لدى المسلمين، ففي ما رواه سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله، الأمر ينزل بنا لم ينزل فيه قرآن، ولم تمض فيه منك سنة، قال: اجمعوا له العالمين من المؤمنين فاجعلوه شورى بينكم، ولا تقضوا فيه برأي واحد".






الشورى والنصيحة:


وتتكامل الشورى مع النصيحة ولا يختلطان، فالنصيحة تجوز من فرد واحد ذي خبرة، أو أكثر من فرد، وتعطى النصيحة، أو تطلب أثناء الشورى، أو في أعقابها، عند تنفيذ القرار، مثل النصيحة التي أدلى بها الحباب بن المنذر، عندما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظم الجيش استعداداً للمعركة فقال: "يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل، أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدم ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة. فقال: "يا رسول الله، فإن هذا ليس منزل فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور (أي ندفن ونطمس) ما وراءه من القلب (أي الآبار). ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون.. فقبل رسول الله نصيحته وعمل بها.


ومن المواقف التي أعطيت فيها النصيحة أيضاً، حفر الخندق في الأحزاب بناء على نصيحة سلمان الفارسي، ومبادرة رسول الله بنحر الهدى والحلف في أعقاب صلح الحديبية بناء على نصيحة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، أما عن موضوع الشورى، فهو فيما لا نص فيه، فإذا كانت الشورى ضرباً من ضروب الاجتهاد، له خصوصيته، فهي عمل عقلي بشري لا يجوز الأخذ بها مع وجود النص الموحى به، ما دام نصاً قطعي الدلالة.. وهذا ما يخصص عموم قول الله تعالى: (وشاورهم في الأمر) [آل عمران: 159] فلا مكان للشورى حال وجود نص، كما قال علماء أصول الفقه: "لا اجتهاد مع نص"، وأوضح مثال على هذا هو عدم قبول رسول الله الشورى في صلح الحديبية، لأنه كان مأموراً بما فعل، فما كان له ولا للمؤمنين إلا الإذعان: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون) [النور: 51] ، (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً) [الأحزاب: 36].


وأخيراً مرجعيتها: فإن أي قرار يستند إلى مرجعية من منظومة القيم، ومبادئ عامة، ولا شك أن مرجعية الشورى الإسلامية تختلف بالضرورة عن غيرها، فالإسلام منظومة قيمة، ومبادئه العامة المستمدة من مصدريه: القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وهذه أمور تميز الشورى الإسلامية عن غيرها من صور الشورى قديمها وحديثها.


إن استئناف الحياة الإسلامية المثلى يقتضي الانطلاق من أرضية التفاهم والتنسيق، وهو أمر لا يتحقق إلا بتعزيز الدور الإيجابي للشورى والتي يجب أن تمتد عبر مختلف الساحات، وتتقدم على كل الاهتمامات من خلال تبادل الآراء واستقاء التجارب، والاستفادة من الخبرات.


وهذا كفيل بأن يجنبنا مزالق التشتت والشقاق والتشرذم القاتل، الذي كثيراً ما يأتي على ما نبنيه من القواعد، ويجهض كل محاولة في سبيل الاعتصام بحبل الله المتين.


والشورى تلزم المشارك فيها بوجه عام، والقيادة بوجه خاص أن تجتهد وتتحرى للوصول إلى الصواب، ولكي تدخل القيادة في زمرة المجتهدين، لابد أن يكون لديها الحد الأدنى من شروط الاجتهاد، ولا أعني بها هنا شروط الاجتهاد الفقهي المذكور في كتب أصول الفقه، بل لكل موضوع يجتهد في الشؤون العسكرية، أو الاقتصادية أو التربوية، إلى جوار ما لابد منه من الشروط العلمية والفكرية العامة.


فأما مَنْ هجم على أمر لا يحسنه، وحكم فيه بغير بينة، ولا سلطان، فقد أساء إلى نفسه، وإلى موضوعه وإلى الناس، ولم ينل من الأجر نقيراً ولا قطميراً، بل اكتسب إثماً مبيناً لقوله بلا علم، وخوضه فيما لا اختصاص له به، بل يدل ذلك على ضعف الإخلاص لديه.


ولهذا جاء في الحديث: "القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد الجنة، رجل علم الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى للناس عن جهل، فهو في النار، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار".


فجعل الذي يقضي على جهل في النار، كالذي يقضي بالباطل على علم، لأنه أدخل نفسه فيما لا يحسن، وكان الواجب عليه أن ينسحب من موقعه ويدعه أو يستعين بمن هو أهله.


بل مثل هذا، عن أصاب، فصوابه غير محسوب له، لأنه رمية من غير رام، واجتهاد من غير أهل، فلا قيمة له لافتقاده سلامة المنهج.


وعلى هذا فإن على القيادة أن تبذل الجهد وتستفرغ الوسع في تحري الحقيقة، وطلب الصواب بكل الإمكانات المتاحة وكل الوسائل المعينة، وكل المعلومات المتوافرة للوصول إلى الصواب، وعليها بعد ذلك أن تستشير أولى النهى وتستعين برأيهم وتشاورهم في المر طلباً للرأي الأسد، والعمل الأرشد.


فإذا تم التشاور فعلى الجميع أن ينزل على الرأي الذي اتفق عليه ويلتزم به ويخلص له، وليس له أن يخرج عنه، لأن الشورى ملزمة عندنا، أما إذا كان ممن لا يلتزمون بمنهجها ولا يسيرون في طريق دعوتنا، فنقول لهم مقولة الإمام البنا رضي الله عنه: "نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه" لهذا كله كانت الشورى عند الإمام البنا ملزمة، وكان على الأتباع أن يلتزموا بهذه الاختيار الفقهي لأنه من ثوابت الجماعة.


هذا والله أعلى وأعلم
 
الإيمان مصدر الطمأنينة

الإيمان يتمتع صاحبه بالطمأنينة والراحة النفسية { الَذِينَ آمَنُوا وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ } ، حيث يشعر المؤمن أنه في رعاية إله كريم رءوف به رحيم فالمؤمن يركن إلى من بيده الأمر كله ويسلم نفسه إليه ويفوض أمره إليه ويلجئ ظهره إليه ويعلم أن لا ملجأ من الله إلا إليه فلماذا يقلق ؟ وماذا يخشى وهو في معية الله ؟ .


فمن كان الله معه لم يفقد شيئا ولم يشعر بحاجته إلى أحد غير الله مهما كان في شدة فالله أعلم بحاله وهو القادر وحده على إنقاذه من تلك الشدة، كما أن المؤمن يعلم أن كل ما يقدره الله له هو الخير وأن بدا في ظاهره أنه شر .


{ وعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ واللَّهُ يَعْلَمُ وأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ }


وبالعقيدة السليمة والإيمان الصادق يصحح المرء مقاييسه وموازينه لتكون ربانية لا مادية فلا تصبح الدنيا الزائلة أكبر همة ولا مبلغ علمه ولا تشغله عن الآخرة التي هي الحياة الحقيقة الدائمة ولكن يعيش دنياه لآخرته فيلتزم في كل أمور حياته صغيرها وكبيرها وفقا لتعاليم الإسلام كما جاءت في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويؤثر ما عند الله على كل متاع الدنيا


والعقيدة مع الإيمان يفجران في النفس كل طاقات الخير والعمل الصالح فيصبح المؤمن كله حيوية ونشاط يحقق الإنجازات الكبيرة في أقل وقت وبأقل جهد مستعينا بالله دون شعور بعجز أو يأس فتصبح حياته ولو كانت قصيرة حافلة بالعمل والإنتاج المثمر في الدعوة إلى الله منفذا لإرادة الله وحكمته في خلقه في هذه الدنيا .


حفظ اللسان


ذات يوم جلس الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، فجاء رجل وشتم أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- وآذاه، فسكت أبو بكر ولم يرُدَّ عليه، فشتمه الرجل مرة ثانية، فسكت أبو بكر، فشتمه مرة ثالثة فرد عليه أبو بكر، فقام صلى الله عليه وسلم من المجلس وتركهم، فقام خلفه أبو بكر يسأله: هل غضبتَ علي يا رسول الله فقمتَ؟ فقال الله صلى الله عليه وسلم: (نزل مَلَك من السماء يكذِّبه بما قال لك، فلما انتصرتَ (أي رددتَ عليه) وقع الشيطان (أي: حضر)، فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان) [أبو داود)

 
*كانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- تجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبلت عليهما أم المؤمنين السيدة صفية بنت حُيَي -رضي الله عنها-، فقالت السيدة عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا -تعني أنها قصيرة-، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد قلتِ كلمة لو مُزِجَتْ بماء البحر لمـَزَجَتْهُ (عكَّرته). [أبو داود والترمذي]، أي أن تلك الكلمة قبيحة لدرجة أنها تُنْتِنُ ماء البحر لِقُبْحِها وسوئها.

 
ما هو حفظ اللسان؟

المقصود بحفظ اللسان، هو ألا يتحدث الإنسان إلا بخير، ويبتعد عن قبيح الكلام، وعن الغيبة والنميمة والفحش، وغير ذلك.

والإنسان مسئول عن كل لفظ يخرج من فمه؛ حيث يسجله الله ويحاسبه عليه، يقول الله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} [ق: 18].

وقال الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تُكَفِّر اللسان (تذل له وتخضع) تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمتَ استقمنا، وإن اعوَجَجْتَ اعوَجَجْنَا) [الترمذي]. وقال الله صلى الله عليه وسلم: (لا يستقيمُ إيمان عبد حتى يستقيمَ قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) [أحمد]. وقال ابن مسعود: والذي لا إله غيره، ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان.


ضوابط الكلام

* لا يتكلم إلا لينفع بكلامه نفسه أو غيره، أو ليدفع ضُرَّا عنه أو عن غيره.


* أن يتخير الوقت المناسب للكلام،


* أن يقتصر من الكلام على ما يحقق الغاية أو الهدف، وحسبما يحتاج إليه الموقف،


* أن يتخير اللفظ الذي يتكلم به


* عدم المغالاة في المدح، وعدم الإسراف في الذم؛


* أن لا يرضي الناس بما يجلب عليه سخط الله.


* ألا يتمادى في إطلاق وعود لا يقدر على الوفاء بها


* أن يستعمل الألفاظ السهلة التي تؤدي المعنى بوضوح، قال الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إلي وأبعدَكم مني يوم القيامة الثرثارون (( أي :كثيرو الكلام)، والمتشَدِّقُون (الذين يتطاولون على الناس في الكلام) والمتفيهقون)، قالوا: يا رسول الله، قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال: (المتكبرون) [الترمذي]


* ألا يتكلم بفحش أو بَذَاءةٍ أو قُبح، ولا ينطق إلا بخير، ولا يستمع إلى بذيء، ولا يصغي إلى متفحِّش


* أن يشغل الإنسان لسانه دائمًا بذكر الله ولا يخْرِجُ منه إلا الكلام الطيب.


من الأخ الفاضل / محمد ياسر

السـاخـر
الساخر شخصية مستفزة، مستهترة بأقدار الناس وكرامتهم ، يبحث عن الأخطاء والعيوب والنقائص في الآخرين ليأخذها مادة للسخرية والإستهزاء سواءً بالقول أو الفعل أو المحاكاة أو الإشارة أو الإيماء.


الساخر شخصية إما أنها تخفي نقائص وعيوب لديها عن الآخرين، ولا تسعي لعلاجها، فمن السهل مساعدته ورده عما هو عليه.


وإما شخصية إعتلاها المرض وتعشش في جوانبها، فتسخر من الناس كعادة اكتسبتها في يومها ولا تفكر في علاجها فتصيب من حولها بالقطيعة والإشمئزاز والبغض أحياناً والكره أحياناً أخري لدرجة تجعلك تقرر أن لا تعرفه لا من قريب أو من بعيد.


صفاته:-



 يعبر عن نقده وشكواه بتعليقات مؤلمة للآخرين أحياناً.


 يستهزئ بكل من حوله ولا يعط لهم أي إعتبار.


 يحاول السيطرة علي المجلس دون أن يكون مسئولاً.


 يسعي للفت الأنظار بأسلوبه وطريقته.


 يتلمس في وجوه من حوله الفرحة والإبتسامة بعد حديثه.


 يغضب في حالة نصحه بالإبتعاد عن أسلوبه.


 يبحث عن نقاط ضعف الآخرين، ويأخذها مادة لحديثه.


 يستخدم أساليب عديدة بين همز ولمز .


 لا يحترم الناس ولا يقدر لهم مكانة ( الكل عنده سواء).


 ينفر الناس منه ولا يحترموه.


 يقطع روابط المودة والحب فلا يدوم له صديق.


 لا يثق الناس في كلامه وإن كان موضع جد.


 ينهاه ربنا عن فعلته هذه ولم ينته ، فيعرض نفسه لسخط الله.


 يميل قلبه إلي القسوة والغلظة.


كيف تتعامل معه:-


 تعامل معه بهدوء الأعصاب وإبتسامة الوجه.


 استخدم معه العبارات المؤدبة ولا تنتقده.


 كن رزيناً في حديثك معه، محدداً في عباراتك.


 أطلب منه أن يكون محدداً في كلامه، موجز في طلبه.


 ذكره بعواقب الغيبة والنميمة.


 غير إتجاه حديثه إذا سخر أو إستهزء بأحد.


 كن مالكاً بزمام الحديث والحوار في مجلسه.


 أضبط وقتك وحوارك وأنجز في مهمتك معه.


 تحدث معه علي إنفراد ناصحاً ومرشداً فمن السهل عدوله عن أسلوبه.


 لاتبتسم في وجهه إذا سخر أو أنتقد أحد.


 أظهر له ضجرك وضيقك مما يفعله.


 بين له آفات اللسان وعاقبة السخرية.


 أعلمه أن الساخر يعرض نفسه لسخط الله.


 إنهه عن الخوض في دماء المسلمين وأعراضهم.


 لا تدعه يخرج من مجلسك حتي تلقنه درساً عن إحترام الناس والحفاظ عليهم.


 تحدث معه منفرداً عن بعض عيوبه لعله ينشغل بإصلاحها.


 أعرض عن مجلسه أينما وجد فيه.


 تذكر أن صمتك عنه مشاركة في الإثم.



وأخيراً قل له :-


<<< إبك على خطيئتك وأمسك عليك لسانك>>>


خليل الجبالي

من وصايا لقمان لابنـــه



يا بني : ما ندمت على السكوت قط .


يا بني : اعتــزل الشر يعتزلك ، فإن الشر للشــر خلق ....


يا بني : عود لسانك : اللهم اغفر لي ، فإن لله ساعات لا يـــرد فيها سائـــلاً .


يا بني : اتخذ طاعة الله تجارة تأتيك الأربــاح من غير تجـــارة ...


يا بني : لا تكثر النوم والأكل ، فإن من أكثر منهما جاء يوم القيامة مفلسا من الأعمال الصالحة ..


يا بني : بئراً شربت منـــه ، لا تــــرمي فيه حجــــــراً .....


يا بني : عصفور في قدرك خير من ثــــور في قدْر غيرك .....


يا بني : شئيان إذا حفظتهما لا تبالي بما صنعت بعدهما دينك لمعادك ، ودرهمك لمعاشك .


يا بني : إنه لا أطيب من القلب واللسان إذا صلحــا ، ولا أخبث منهما إذا فسدا .


يا بني : لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها فإنك لم تخلق لها ...


يا بني : لا تضحك من غير عجب ، ولا تسأل عما لا يعنيــك ...


يا بني : إنه من يرحم يُرحم ، ومن يصمت يسلم ، ومن يقل الخير يغنم ، ومن لا يملك لسانه يندم.


يا بني : زاحم العلماء بركبتيك ، وأنصت لهم بأذنيك ، فإن القلب يحيا بنور العلماء .


ييا بني : إذا كنت في صلاة فاحفــــظ قلبك .


يا بني :وإذا كنت في مجلس الناس فاحفظ لسانك ...


يا بني: وإذا كنت في بيوت الناس فاحفظ بصرك ...


يا بني: وإذا كنت على الطعــام فاحفظ معدتك ...


يابني: واثـنـتـــان لاتذكرهمــا أبدأ: إســـــاءة الناس إليك وإحسانك للناس.


الكتمان



الكتمان هو حفظ الأسرار، وإخفاء ما لا يجب أن يعرفه الناس من الأمور الخاصة.


كان أنس بن مالك -رضي الله عنه- يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي يوم من الأيام كان يلعب مع الغلمان بالمدينة، فأتى إليهم النبي صلى الله عليه وسلم وألقى عليهم السلام، وكلف أنسًا بمهمة ما. وبعد أن نفذ أنس تلك المهمة عاد إلى أمه، فسألته عن سبب تأخره، فقال لها: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، فسألته: ما حاجته؟ فلم يخبرها أنس وقال: إنها سِرٌّ. فسعدت به أمه وأُعجبتْ بكتمانه للسر، وقالت له: لا تخبرنَّ بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا. [مسلم].






*عندما تُوفي زوج السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، عرض عمر على عثمان بن عفان أن يتزوجها، فقال له عثمان: سأنظر في أمري، وبعد أيام لقى عثمانُ عمرَ، فقال له: بدا لي ألا أتزوج الآن. ثم عرض عمر على الصديق أبي بكر أن يتزوج ابنته حفصة، فلم يرد عليه أبو بكر بالقبول أو بالرفض، فغضب عمر منه.


وبعد ليالٍ، خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم فزوَّجها له عمر، فلقيه أبو بكر فقال له: لعلك وَجَدْتَ علي (غضبتَ مني) حين عرضتَ علي حفصة فلم أَرْجِعْ إليك شيئًا؟ فقال له عمر: نعم.


فقال أبو بكر: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك شيئًا حين عرضتَها على إلا أني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها (أراد الزواج منها)، ولم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها لنكحتُها (تزوجتُها)._[البخاري].

منقول








الأقصى يستغيث

 
جوابة صرخة قوية            تنادي باسم الحرية



إمتي هاتتوحد كلمتنا      ويشاهد العالم عروبتنا



إمتي الحلم يكون واحد وعشانه نضحي ونجاهد



إمتي هانسعى للجهاد ونشعل النار في الرماد



إمتي ننسى كلمة حياد    وبالعزيمة نعد العتاد



إمتي نسعى للحرية       ونوحد الذات والهوية



إمتي هانسبنا من الكلام    ونقول بنسعى للسلام



إمتي هانتحرر من القيود    ولخطانا نرسم حدود



أقصانا علشان يعود محتاج نضال من غير شروط



القصى مش ممكن يعود طول ما الإرادة يا دوب كلام



هما عشانه قادوا الحروب واحنا بندارى في السلام



أقصانا بينادي في كل صلاة هل من مجيب يا خلق الله



يخطو عتابي ويدق بابي                 مكبراً بإسم الله



وينادي حي علي الصلاة        وينادي حي علي الفلاح



أمازال سجني مستباح           هل من مداوي للجراح



لإمتي الأقصى يستغيث   من غيرنا يكون عليه حريص



أقصانا مش محتاج نداء       أقصانا محتاج روح الفداء



مهما الحر علينا اشتد               وأسينا ظلم وذل بجد



وناس بتبني وناس بتهد           يفضل سؤال محتاج لرد



لحد إمتي يا أمتنا                 هاتقومي وتهبطي عزيمتنا



دا الصبر له معيارو حد           أقصانا مش محتاج شعار



أقصانا لسه في الإنتظار            محتاج رجال يخدوا القرار



********

                             أم عبدالرحمن جيهان أبو الدهب
التربية المتوازنة في الجوانب الشخصية



حرص رسول الله صل الله عليه وسلم علي أن يربي الصحابة ومَن ثمَّ المسلمين تربية متكاملة كما جاء بها الإسلام الحنيف، مما بَنَى رجالاً يعتمد عليهم في السراء والضراء والمنشط والمكره.


فزرع رسول الله صل الله عليه وسلم في قلوبهم الربانية بكل معانيها من إيمانيات وروحانيات وعبادات، فأهلَّهم ليكونوا ربانيين يعمرون الحياة ويبنون الأرض ويوجدون العقيدة في القلوب والمشاعر والجوارح، ويقومون بدورهم الذي خلقهم الله من أجله (ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات :55 ).


فالتربية الإسلامية بخصائصها وأهدافها ووسائلها مميزة عن غيرها، فمصادرها الأساسية القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة اللذان زاداها كمالاً وخلوداً، فقد قال الله تعالى: ( إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9 ) ، وقال سبحانه وتعالي عن نبيه محمد صل الله عليه وسلم: (ومَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى (3) إنْ هُوَ إلاَّ وحْيٌ يُوحَى (4))(سورة النجم.


فصارت التربية الإسلامية سوية لطبيعة البشر، ومناسبة لفطرتهم التي فطرهم الله عليها مما سهل لهم طريق العلم والمعرفة ومن ثمَّ التطبيق علي أرض الواقع.


والتربية الإسلامية تتناسب مع الجنس البشري، فتربي الذكر والأنثي والصغير والكبير كل بما يتناسب مع جنسه ومراحل عمره المختلفه.


والتربية الإسلامية ربانية، تعني بالجانب الإيماني والتعبدي فتنشئ جيلاً ربانياً سوي النفس، مطمئن الفؤاد ، متصل العلاقة بالله سبحانه وتعالي فيصبح إلتزامه وطاعته حباً لله ورضاً بما أمره به، فينال الأجر والثواب والجنة بعد رضا الله سبحانه وتعالى.


والتربية الإسلامية أخلاقية، فهي تضبط الأخلاق والسلوك، وتحدد علاقة المسلم بالآخرين وتبين له الحقوق والواجبات تجاههم، مما تجعله محبوباً لدى الآخرين بحسن خلقه الذي ينال به منزلة جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة، فعن عمرو بن حفص قال: حدثنا أبي: حدثنا الأعمش قال: حدثني شقيق، عن مسروق قال:


كنا جلوساً مع عبد الله بن عمرو يحدثنا، إذ قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً، وإنه كان يقول: (إن خياركم أحاسنكم أخلاقاً)رواه البخاري ،


وعن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ) رواه الترمذي وصححه الألباني في الجامع الصغير.


والتربية الإسلامية شاملة كما جاء بها الإسلام الحنيف فتحث المسلم أن يأخذها من كل جوانبها حتي يصل للوعي والفهم الصحيحين، فلا يميل في جانب دون الآخر، فهي تهذب الروح وتسمو به، وتربي العقل وتوعيه فكرياً وثقافياً وسياسياً، وتضبط العواطف وتهذبها، وتعني بالجسم بدنياً فتريضه، وجمالياً فتطهره، وتأمره بحسن المظهر، وصحياً فتنهاه عن الطعام والشراب الذي يضره،


( فهذا الدين لايصلح له إلا من أحاطه من جميع جوانبه ).


لم تكن التربية الاسلامية دنيوية محضة في أهدافها كما كانت عند اليونان والرومان، ولم تكن دينية محضة كما كانت عند اليهود. إنما هي دينية ودنيوية معاً، تقوم على الايمان والعمل والعقيدة والسلوك لتكوِّن المسلم الصالح للدنيا والآخرة.


فعن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا‏:‏ أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‏.‏ قال أحدهم‏:‏ أما أنا فأصلي الليل أبداً وقال الآخر‏:‏ وأنا أصوم الدهر أبداً ولا أفطر، وقال الآخر‏:‏ وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال‏:‏ ‏"‏أنتم الذين قلتم كذا وكذا‏؟‏‏!‏ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني‏"‏ ‏‏‏(‏متفق عليه‏)‏.


فالتربية المتوازنة والمعتدلة تعصم صاحبها من الغلو والتطرف في جانب دون الآخر، وتهيئ له حياة يسيرة سهلة، يستطيع من خلالها العيش مع الآخرين والتمتع بما فيها من خيرات وطاعات وعلم ونفع له ولغيره، فتحثه علي زرع الخير في الدنيا لينال به حسن العاقبة في الآخرة، فيحرص علي نفع البشرية والعمل لدين الله، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا ، وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة .. ) رواه البخاري .


ـ وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال ( هلك المتنطعون .. ) قالها ثلاثًا ، ( رواه مسلم ) .


فالإسلام منهج شامل متوازن يشمل كل مناحي الحياة جميعاً، فينمي الشخصية المسلمة ويطورها ويعمل علي تكوينها تكويناً دقيقاً في كل جوانبها ومناشطها الحياتية.


(يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ(78))(سورة الحج )



خليل الجبالي

نسمة إصرار
كن حمّالاً في السوق ، لكن قرّر مع أول خطوة لك فيه أن تصير تاجراً فستصل بإذن الله ، المهم إصرارك علي الوصول
ما رأيت أروع للنفس من السباق نحو المعالي ! ولا شهدت لها حالاً أفضل ولا أحسن من بلوغ المجد في زمن التواني ! لقد جاء الله بنا لعمارة الأرض ، واستخلفنا فيها لذلك الهدف العظيم : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) والمتأمّل في النفس الإنسانية يجد أن الله تعالى أودع فيها قدرات فوصلت ببعضنا إلى أن نصبت أقدامهم على سطح القمر في ضحى النهار وأعلنت حين وصلت هناك أنه ليس ثمة حدود في الكون تقصر عنها قدرات هذه النفس البشرية مهما كانت العوائق في سبيلها كبيرة أو قوية .
الثناء المنضبط وسيلة تربوية

نشعر كثيراً في تربيتنا وتوجيهنا أننا نحتاج لبيان الأخطاء وممارسة الانتقاد، وربما اللوم والعتاب، وقد يتطور الأمر للعقوبة، وكل ذلك - حين يكون في إطاره الطبيعي - ليس مجالاً للنقاش أو الاعتراض.


ومنشأ الإشكال إنما هو في اتساع مساحة الانتقاد واللوم على حساب غيره؛ فالنفس تحتاج للثناء والتشجيع، وتحتاج للشعور بالنجاح والإنجاز كما أنها تحتاج للنقد والتسديد، لكن ما يأخذه النقد واللوم من واقعنا أكثر بكثير مما يأخذه الجانب الآخر.


ومن يتأمل هدي النبي صلى الله عليه وسلم يجد أنه يُثني علــى أصحابه في مواقف عدة. ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم لأشـج عبد القيس: "إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة"(1)، وقوله لأبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: "لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لِمَا رأيت من حرصك على الحديث"(2)، وقال ـ أيضاً ـ: "كان خيرَ فرساننا اليوم أبو قتادة، وخيرَ رجالتنا سلمة"(3)، وقال لابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: "إنك غلام معلم"(4)، ومن نظر في أبواب المناقب رأى الكثير في ذلك.


إن الثناء يُشعِر الشخص بالرضا والإنجاز، ويزيد من ثقته بنفسه، والمربُّون اليوم أحوج ما يكونون إلى غرس الثقة بالنفس والشعور بالقدرة على الإنجاز في ظل جيل يعاني من الإحباط، وتسبق هواجس الإخفاق تفكيره في أي خطوة يخطوها، أو مشروع يُقدم عليه.


في حين أن النقد واللوم يسهم في تكريس الشعور بالفشل والإحباط ونموه في النفس، ويضيفه صاحبه إلى تجاربه المخفقة.


والثناء وسيلة غير مباشرة لإثارة تطلُّع الآخرين وحماستهم للتأسي بالمُثْنَى عليه والاقتداء به، وإبرازه مثلاً حياً مشاهَداً أمامهم؛ لذا فحين قدم طائفة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم محتاجين للنفقة، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لذلك، فتصدق رجل بصُرَّة كادت يده أن تعجز عنها، فتابع الناس بعد ذلك، حينها قال صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء"(1)


وحتى يؤدي الثناء دوره دون إفراط فلا بد من الاعتدال؛ فالمبالغة فيه تُفقده قيمته، وتشعر من يسمعه بأنه ثناء غير صادق ولا جاد.


وهو مذموم حين يوجه لمن لا يستحقه، أو لمن يُخشى عليه العُجْب والغرور؛ بل يستحق من يطلقه حينئذ أن يُحثى التراب في وجهه، كما قال صلى الله عليه وسلم : "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب"(2)


يـا بـابـا وحـشـتـنـي

يا بـابــا ارجـــع كــفــــــايــة بـجـــــد وحــشـتـنـي

سـنـيـن غــربــة خــدتــــنـا مـن بـعـض وتـوهــتــنا

دا أنـا مـشـتـاقـلـك يـابـابــا فـي كـل ركن في بـيـتـنا

أنـت مـش واخـــد بــالـك إنـــي خــلاص كــبـــرت

مـا بـقـاش كـــل أمـالي فــي بـنـطـلــون وتـشـــرت

أنـا مـحـتـاجــلـك يـا بـابـا فـي دربي تـكــون رفـيـق

ومــيـن غــيـرك يـا بـابـا يـكــون أوفــى صــــديــق

نفسي أجري علـيك وافضفض من هموم الصـحـاب

ولـمـا ألآقـي كـلــمـة مــش فـاهـــمـهـا فـي كـــتـاب

تحـكــيـلي وتـوعــــيــني وتــذلـلــي الـصــعـــــــاب

أنــا مـحــتــاجــلــك يــا بـابـا تـكــون دايـمـاً مـعـاية

فـي حـاجات كــتـيـر جـوايـة نـفـسي إلـيـك أحـكـيها

وحـاجــات تـانـي نــاويـهـا تـقـولـي رأيـك فــيـهـا

نـفـسـي لــمــا أعــيـا ألاقـيـك جـنـبـي في سريري

إيـد مـاســكـة فـي ايــدي والـتـانـيـة فـوق جـبـيـني

مـن غــيـر كــلام تـقــرأ كــل الـكــلام فـي عـيـني

وبـلـمـسـة حــب مــنـــك تـزيـــل كـل الـجـــــراح

وتـضـمـني فـي حـضـنـك أفــرح كــتـير وارتــاح

يـا بـابـا أنـا طــول غـيــابك مـالـيـش إلا ســـيرتـك

توحـشني كـتير يا بابا أبوس وأحضن في صورتـك

يا بـابـــا يـا أغـلي عـنـدي م الــدنـيـا ومـن حـيـاتي

انا محــتـاجـــلـك بـجــــد يـا بــابــا أنــا واخــواتـي

تـشـاركـنـي فــي فـرحي وتــواســيـنـي فـي جرحي

بـتـروح وتـغــيـب يا بـابــا وبـخـاف تنسى ملامحي

أنــا مـحــتـاجــلـك يــابــابــا كــل شــهــور الــسنـة

عــشــان خـاطــري يــابــابـا خـلـيـك جــانـبي هـنا

شعر/ أم عبدالرحمن جيهان أبو الدهب



بنت بابا

بحلفك يا بابا تغلي إسمي عندك ومن قلبك تقوله

ولما الـنـــــاس تـــســـــــأل آيـــه أنــــت جـبــت

تــتـبـســـم بالـمحـــــبـة وتـقــول رزقـت بــنـــت

اسـتـبـشــر فـيـا خـيـر واجــعـلـني ضـي عـيـنك

واجـعــل رضـاك وحـبـك ربـاط بـيـنـي وبـيـنك

وبـوعــــــــدك يـابـابـا أكـــــون لـك مـطـــيـعـة

وهـاديــة الــطــبــاع وحــنـــــونـة ووديــــعــة

وأكون شـمـس حياتـك سـاطعـة مـن غير غيامة

اســمــع كـــــلام بــابــا ومــــازعـــلــش مــامــا

عـــايــزاك يــابــابـا دايـمـاً بـي تكـون قـــنـوع

وتــشـوفـني تــفــرح عـينك وترغرغ بالـدموع

ووعــدني تـربـيـنـي ع الــديـــن والإســـــــلام

أفـــهـــم أمــــور ديــني الحـــلال والـحــــــرام

تــوب الـعــفــة تـلــبســني وكــتاب الله تحفظني

وساعــتــها أكــبـر وأكــون بـنـتـك المــصــون

أحــفــظ إســمـك فـي قـلـبي يـابـابـا قبل العيون

بنت بابا
أم عبدالرحمن جيهان أبو الدهب